الرسول صلى الله عليه وسلم وغزوات
منتديات قيصر الشرق :: قيصر الاسلاميات والقرأن الكريم والحديث :: منتدى نصرة رسول اللة محمد صلى اللة علية وسلم
صفحة 1 من اصل 1
الرسول صلى الله عليه وسلم وغزوات
إذا نظرنا
إلى غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعوثه وسراياه ، لا يمكن لنا ولا
لأحد ممن ينظر في أوضاع الحروب وآثارها وخلفياتها ـ لا يمكن لنا إلا أن
نقول : إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أكبر قائد عسكري في الدنيا ،
وأشدهم وأعمقهم فراسة وتيقظاً ، إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف ، كما
كان سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة ، فلم يخض معركة من المعارك
إلا في الظرف ومن الجهة اللذين يقتضيهما الحزم والشجاعة والتدبير ، ولذلك
لم يفشل في أي معركة من المعارك التي خاضها لغلطة في الحكمة وما إليها من
تعبئة الجيش وتعيينه على المراكز الاستراتيجية ، واحتلال أفضل المواضع
وأوثقها للمجابهة ، واختيار أفضل خطة لإدارة دفة القتال ، بل أثبت في كل
ذلك أن له نوعاً آخر من القيادة غير ما عرفتها الدنيا في القواد . ولم
يقع ما وقع في أُحد وحنين إلا من بعض الضعف في أفراد الجيش ـ في حنين ـ أو
من جهة معصيتهم أوامره وتركهم التقيد والالتزام بالحكمة والخطة اللتين كان
أوجبهما عليهم من حيث الوجهه العسكرية .
وقد تجلت عبقريته (صلى الله عليه وسلم) في هاتين
الغزوتين عند هزيمة المسلمين ، فقد ثبت مجابهاً للعدو ، واستطاع بحكمته
الفذة أن يخيبهم في أهدافهم ـ كما فعل في أحد ـ أو يغير مجري الحرب حتى
يبدل الهزيمة انتصاراً ـ كما في حنين ـ مع أن مثل هذا التطور الخطير ،
ومثل هذه الهزيمة الساحقة تأخذان بمشاعر القواد ، وتتركان على أعصابهم
أسوأ أثر ، لا يبقى لهم بعد ذلك إلا هم النجاة بأنفسهم .
هذه من ناحية القيادة العسكرية الخالصة ، أما من نواح أخرى ، فإنه
استطاع بهذه الغزوات فرض الأمن وبسط السلام ، وإطفاء نار الفتنة ، وكسر
شوكة الأعداء في صراع الإسلام والوثنية ، وإلجائهم إلى المصالحة ، وتخلية
السبيل لنشر الدعوة ، كما استطاع أن يتعرف على المخلصين من أصحابه ممن هو
يبطن النفاق ، ويضمر نوازع الغدر والخيانة .
وقد أنشأ طائفة كبيرة من القواد ، الذين لاقوا بعده الفرس والرومان
في ميادين العراق والشام ، ففاقوهم في تخطيط الحروب وإدارة دفة القتال ،
حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم وديارهم وأموالهم من جنات وعيون وزروع
ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكيهن .
كما استطاع رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بفضل هذه الغزوات أن
يوفر السكنى والأرض والحرف والمشاغل للمسلمين ، حتى تَفَصَّى من كثير من
مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لهم مال ولا دار ، وهيأ السلاح والكُرَاع
والعدة والنفقات ، حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ذرة من الظلم
والطغيان والبغي والعدوان على عباد اللّه .
وقد غير أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في
الجاهلية ، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب والسلب والقتل والإغارة
والظلم والبغي والعدوان ، وأخذ الثأر ، والفوز بالوَتَر ، وكبت الضعيف ،
وتخريب العمران ، وتدمير البنيان ، وهتك حرمات النساء ، والقسوة بالضعاف
والولائد والصبيان ، وإهلاك الحرث والنسل ، والعبث والفساد في الأرض ـ في
الجاهلية ـ إذ صارت هذه الحرب ـ في الإسلام ـ جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة
، وأغراض سامية ، وغايات محمودة ، يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان
ومكان ، فقد صارت الحرب جهاداً في تخليص الإنسان من نظام القهر والعدوان ،
إلى نظام العدالة والنَّصَف ، من نظام يأكل فيه القوي الضعيف ، إلى نظام
يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ منه ، وصارت جهاداً في تخليص
"وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل
لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" [النساء:75] وصارت جهاداً في
تطهير أرض اللّه من الغدر والخيانة والإثم والعدوان ، إلى بسط الأمن
والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق والمروءة .
كما شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها ، ولم
يسمح لهم الخروج عنها بحال . روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان
رسول اللّه إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اللّه عز
وجل ، ومن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا بسم اللّه ، في
سبيل اللّه ، قاتلوا من كفر باللّه ، اغزوا ، فلا تغلوا ، ولا تغدروا ،
ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ... ) الحديث . وكان يأمر
بالتيسير ويقول : ( يسروا ولا تعسروا ، وسكنوا ولا تنفروا ) .
وكان إذا جاء قوماً بِلَيْل لم يُغِرْ عليهم حتى يُصبِح ، ونهى أشد
النهي عن التحريق في النار ، ونهى عن قتل الصبر ، وقتل النساء وضربهن ،
ونهى عن النهب حتى قال : ( إن النُّهْبَى ليست بأحل من الميتة ) ،
ونهى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار إلا إذا اشتدت إليها الحاجة ،
ولا يبقى سواه سبيل . وقال عند فتح مكة : ( لا تجهزن على جريح ، ولا
تتبعن مدبراً ، ولا تقتلن أسيراً ) ، وأمضى السنة بأن السفير لا يقتل ،
وشدد في النهي عن قتل المعاهدين حتى قال : ( من قتل معاهداً لم يُرِحْ
رائحة الجنة ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً ) ، إلى غير ذلك
من القواعد النبيلة التي طهرت الحروب من أدران الجاهلية حتى جعلتها جهاداً
مقدساً .
إلى غزوات النبي (صلى الله عليه وسلم) وبعوثه وسراياه ، لا يمكن لنا ولا
لأحد ممن ينظر في أوضاع الحروب وآثارها وخلفياتها ـ لا يمكن لنا إلا أن
نقول : إن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان أكبر قائد عسكري في الدنيا ،
وأشدهم وأعمقهم فراسة وتيقظاً ، إنه صاحب عبقرية فذة في هذا الوصف ، كما
كان سيد الرسل وأعظمهم في صفة النبوة والرسالة ، فلم يخض معركة من المعارك
إلا في الظرف ومن الجهة اللذين يقتضيهما الحزم والشجاعة والتدبير ، ولذلك
لم يفشل في أي معركة من المعارك التي خاضها لغلطة في الحكمة وما إليها من
تعبئة الجيش وتعيينه على المراكز الاستراتيجية ، واحتلال أفضل المواضع
وأوثقها للمجابهة ، واختيار أفضل خطة لإدارة دفة القتال ، بل أثبت في كل
ذلك أن له نوعاً آخر من القيادة غير ما عرفتها الدنيا في القواد . ولم
يقع ما وقع في أُحد وحنين إلا من بعض الضعف في أفراد الجيش ـ في حنين ـ أو
من جهة معصيتهم أوامره وتركهم التقيد والالتزام بالحكمة والخطة اللتين كان
أوجبهما عليهم من حيث الوجهه العسكرية .
وقد تجلت عبقريته (صلى الله عليه وسلم) في هاتين
الغزوتين عند هزيمة المسلمين ، فقد ثبت مجابهاً للعدو ، واستطاع بحكمته
الفذة أن يخيبهم في أهدافهم ـ كما فعل في أحد ـ أو يغير مجري الحرب حتى
يبدل الهزيمة انتصاراً ـ كما في حنين ـ مع أن مثل هذا التطور الخطير ،
ومثل هذه الهزيمة الساحقة تأخذان بمشاعر القواد ، وتتركان على أعصابهم
أسوأ أثر ، لا يبقى لهم بعد ذلك إلا هم النجاة بأنفسهم .
هذه من ناحية القيادة العسكرية الخالصة ، أما من نواح أخرى ، فإنه
استطاع بهذه الغزوات فرض الأمن وبسط السلام ، وإطفاء نار الفتنة ، وكسر
شوكة الأعداء في صراع الإسلام والوثنية ، وإلجائهم إلى المصالحة ، وتخلية
السبيل لنشر الدعوة ، كما استطاع أن يتعرف على المخلصين من أصحابه ممن هو
يبطن النفاق ، ويضمر نوازع الغدر والخيانة .
وقد أنشأ طائفة كبيرة من القواد ، الذين لاقوا بعده الفرس والرومان
في ميادين العراق والشام ، ففاقوهم في تخطيط الحروب وإدارة دفة القتال ،
حتى استطاعوا إجلاءهم من أرضهم وديارهم وأموالهم من جنات وعيون وزروع
ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكيهن .
كما استطاع رسول اللّه (صلى الله عليه وسلم) بفضل هذه الغزوات أن
يوفر السكنى والأرض والحرف والمشاغل للمسلمين ، حتى تَفَصَّى من كثير من
مشاكل اللاجئين الذين لم يكن لهم مال ولا دار ، وهيأ السلاح والكُرَاع
والعدة والنفقات ، حصل على كل ذلك من غير أن يقوم بمثقال ذرة من الظلم
والطغيان والبغي والعدوان على عباد اللّه .
وقد غير أغراض الحروب وأهدافها التي كانت تضطرم نار الحرب لأجلها في
الجاهلية ، فبينما كانت الحرب عبارة عن النهب والسلب والقتل والإغارة
والظلم والبغي والعدوان ، وأخذ الثأر ، والفوز بالوَتَر ، وكبت الضعيف ،
وتخريب العمران ، وتدمير البنيان ، وهتك حرمات النساء ، والقسوة بالضعاف
والولائد والصبيان ، وإهلاك الحرث والنسل ، والعبث والفساد في الأرض ـ في
الجاهلية ـ إذ صارت هذه الحرب ـ في الإسلام ـ جهاداً في تحقيق أهداف نبيلة
، وأغراض سامية ، وغايات محمودة ، يعتز بها المجتمع الإنساني في كل زمان
ومكان ، فقد صارت الحرب جهاداً في تخليص الإنسان من نظام القهر والعدوان ،
إلى نظام العدالة والنَّصَف ، من نظام يأكل فيه القوي الضعيف ، إلى نظام
يصير فيه القوي ضعيفاً حتى يؤخذ منه ، وصارت جهاداً في تخليص
"وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ
الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل
لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" [النساء:75] وصارت جهاداً في
تطهير أرض اللّه من الغدر والخيانة والإثم والعدوان ، إلى بسط الأمن
والسلامة والرأفة والرحمة ومراعاة الحقوق والمروءة .
كما شرع للحروب قواعد شريفة ألزم التقيد بها على جنوده وقوادها ، ولم
يسمح لهم الخروج عنها بحال . روى سليمان بن بريدة عن أبيه قال : كان
رسول اللّه إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى اللّه عز
وجل ، ومن معه من المسلمين خيراً ، ثم قال : ( اغزوا بسم اللّه ، في
سبيل اللّه ، قاتلوا من كفر باللّه ، اغزوا ، فلا تغلوا ، ولا تغدروا ،
ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً ... ) الحديث . وكان يأمر
بالتيسير ويقول : ( يسروا ولا تعسروا ، وسكنوا ولا تنفروا ) .
وكان إذا جاء قوماً بِلَيْل لم يُغِرْ عليهم حتى يُصبِح ، ونهى أشد
النهي عن التحريق في النار ، ونهى عن قتل الصبر ، وقتل النساء وضربهن ،
ونهى عن النهب حتى قال : ( إن النُّهْبَى ليست بأحل من الميتة ) ،
ونهى عن إهلاك الحرث والنسل وقطع الأشجار إلا إذا اشتدت إليها الحاجة ،
ولا يبقى سواه سبيل . وقال عند فتح مكة : ( لا تجهزن على جريح ، ولا
تتبعن مدبراً ، ولا تقتلن أسيراً ) ، وأمضى السنة بأن السفير لا يقتل ،
وشدد في النهي عن قتل المعاهدين حتى قال : ( من قتل معاهداً لم يُرِحْ
رائحة الجنة ، وإن ريحها لتوجد من مسيرة أربعين عاماً ) ، إلى غير ذلك
من القواعد النبيلة التي طهرت الحروب من أدران الجاهلية حتى جعلتها جهاداً
مقدساً .
مواضيع مماثلة
» البطاقة العائلية لأسرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم
» رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام يبكي على الأمة بعد سبه في الدنمارك
» محمد (صلى الله عليه وسلم) من الألف إلى الياء
» شخصية الرسول وأبعادها الإنساني
» محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه - عائض القرني
» رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام يبكي على الأمة بعد سبه في الدنمارك
» محمد (صلى الله عليه وسلم) من الألف إلى الياء
» شخصية الرسول وأبعادها الإنساني
» محمد صلى الله عليه وسلم كأنك تراه - عائض القرني
منتديات قيصر الشرق :: قيصر الاسلاميات والقرأن الكريم والحديث :: منتدى نصرة رسول اللة محمد صلى اللة علية وسلم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى